للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولهم: في الشهادة تلحقه التهمة؛ فباطل بأخبار الديانات، والشهادة برؤية الهلال؛ فإنه لا يتهم فيها، ولا تقبل منه.

الثاني: أنّا قد بينّا أنه قد يتهم أن يصلي وفي ثيابه الخمر، أو يرائي بالصلاة؛ لأنه من لا يتحاشا من الزنا، وأكل الربا، وشرب الخمر لا يتحاشا أن يصلي وفي فمه وثيابه الخمر، ولأنه يتهم في الإمامة أن يظاهر بها ليكرَم، ويُشهد له بالخير والصلاح لتقبل شهادته، فيجر بذلك نفعاً إلى نفسه.

طريقة أخرى، نقول: الفسق نقص يؤثر في الشهادة مع قدرته على التحمل، فأثر في الإمامة، دليله نقص الأنوثية؛ وهذا لأن نقص الفسق أكبر من نقص الأنوثية، لأن المرأة يقبل خبرها وشهادتها، والفاسق لا يقبل خبره وشهادته، ثم الائتمام بالمرأة لا يصح، فأولى أن لا يصح بالفاسق.

يدل عليه: أن الفسق نقص في الدين، والصلاة ركن الدين، والجماعة عندنا واجبة (١)، وعندهم لإحراز الفضيلة، فلم يجز أداء الواجب، وإحراز الفضيلة من ناقص الدين، والمرأة ـ أيضاً ـ إنما منع من إمامتها لنقصان دينها بنص الرسول ـ صلَّى الله عليه ـ (٢)،/ ولا بدّ من اعتقاد وجوده، عقلنا معناه، أو لم نعقل.

يدل عليه: أن هذا النقص قد منع قبول قوله في شرط الصلاة مثل القبلة، وطهارة الماء، فلأن لا يقبل قوله في تكميل شروط الصلاة بغيره أولى.

وقد قيل بأنه فاسق في ذمته، فلم تصح إمامته، دليله الكافر.

فإن قالوا: فيجب أن لا تصح صلاته في نفسه مثل الكافر. فقد تقدم جوابه.


(١) ينظر: الهداية ١/ ٤٢، الإنصاف ٢/ ٢١٠، المبدع ٢/ ٤١.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم ١/ ٦٨، ح ٣٠٤، ومسلم، كتاب الإيمان ١/ ٨٧، ح ٨٠ من حديث أبي سعيد.

<<  <   >  >>