سيما إذا كان فسقه بشرب الخمر، وملابسة النجاسات، وهو ممن لا يقبل قوله في نجاسة الماء، بل هو يخبرنا بنجاسته، وسبب نجاسته، ونحن نبقيه بعد خبره على أصل طهارته وتطهيره، وكيف نثق إلى أمانته فيما نحن متبعون له فيه، وصحة صلاتنا مربوطة بصحة صلاته.
فإن قيل: جميع ما ذكرتم لا يمنع صحة صلاته في نفسه، فلا يمنع صحة [إمامته](١) وخرج على هذا الإمامة الكبرى؛ لأنها أكمل، ألا ترى أنه يعتبر فيها الحرية، والذكورية، والنسب، والعلم بخلاف الصغرى، فإنه لم يعتبر فيها جميع هذه الأشياء، فلا تعتبر العدالة، وخرج ـ أيضاً ـ الشهادة؛ فإنه يتهم فيها أن يواطئ فيشهد بالزور، بخلاف الصلاة؛ فإنه لا تهمة فيها.
قلنا: أما صلاته في نفسه فلو أبطلناها أفضى إلى أن نخرجه من الإسلام، بخلاف إمامته؛ فإنها إذا بطلت لم تضرّ؛ لأن المأموم يطلب عدلاً فيصلي خلفه.
الثاني: أنه قد يصح الشيء منه في حق نفسه دون غيره، ألا ترى أنه لو رأى هلال رمضان وحده، وردت شهادته لزمه الصوم من رمضان/ وإن لم يلزم غيره، والشهادة على نفسه تصح، وعلى غيره لا تقبل، والمرأة تصح صلاتها، ولا تصح إمامتها، وكذلك العبد يصح أن يصلي الجمعة، ولا يكون إماماً في الجمعة، والأميّ تصحّ صلاته في نفسه، ولا يكون إماماً للقُرّاء، كذلك في مسألتنا، وهذا كلّه لمعنى وهو أن صلاته في حق نفسه كإقراره، وصلاته بغيره [استتباع](٢) لغيره، وقبول لغيره، وائتمان له على قربة لا تتم إلا بالثقة، أشبه الشهادات، والولايات.
وأما اعتذارهم عن الإمامة الكبرى بكثرة شروطها؛ فليس إذا لم تعتبر هذه الأشياء لا تعتبر العدالة، بدليل أخبار الديانات، والشهادات.
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (إماته)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٢) ما بين المعكوفين في الأصل: (استتباعاً)، وما أثبته هو الصحيح لغة.