فإن قيل: جميع هذا الذي ذكرتم من التوسعة في الأوقات في الصلوات، والأعيان في الكفارات، والأشخاص في فروض الكفايات، لا ينتهي التخيير إلى ترك بالكلية، لابد من فعل الصلاة في الوقت، ولابد من تكفير بعين من الأعيان، ولابد من فعل يقع من أحد الأشخاص في باب فروض الكفايات، وهاهنا/ تُترك الجماعة فلا تسقط إلى شيء رأساً، ولا ينوب عنها نائب بوجه ما.
قلنا: إذا تركت حصل المأثم بترك الجميع، كما يحصل المأثم بترك الوقت عاطلاً عن صلاة، ويحصل المأثم بترك الكل فرض الكفاية، والمأثم كافٍ في الإضلال.
على أن الجماعة لو أبطل تركها الصلوات لشق وجوب القضاء لتكررها، بخلاف الجمعة لأنها واحدة في الأسبوع، والأعذار فيها كثيرة؛ لأنها تدخل على أرباب الأشغال، فأسقط أعلى مراتب الإيجاب وهو الشرطية، ووجبت بحسب الإمكان كإيجاب الصلاة في الوقت الأول، وما ذكرنا من الموسعات في الإيجاب من العبادات.
وأما ما ذكروه في السؤال الأول من أن الجمعة اختصت بزيادة شرائط، قلنا: ولِمَ إذا وجبت هذه الشروط تجب الجماعة؟ ولم إذا سقطت تسقط الجماعة؟ ثم نقول: أما العدد فلأن الجماعة واجبة لها، ولا تكون الجماعة إلا بعدد، ونحن نقول: يجب العدد في جماعة الصلاة، ولأن الجمعة لا تتكرر فاشتراط العدد لها لا يشق، وبقية الفرائض تتكرر دفعات في اليوم فاشتراط العدد لها يشق، وأما الاستيطان فإنما شُرط؛ لأن في السفر قد يتعذر العدد غالباً، وأما إذن الإمام فلا يشترط، وأما الخطبتان فإنها قائمة مقام ركعتين، وفي الصلوات زيادة عدد في ركعاتها؛ ولأن اعتبار شرائط لها لا يدل على إيجاب الجماعة فيها، ألا ترى أن صلاة الكسوف فيها زيادة أركان وليس الجماعة واجبة فيها، وكذلك صلاة العيد، الشروط المذكورة في الجمعة ليست مؤكدة، بل مخففة؛ لأنها معرضة للإسقاط بتعذر بعضها، فتسقط رأساً، وكل شيء كثرت شروط وجوبه/