وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي:/ لا يحل إلا ما فوق الإزار (١).
لنا:
قوله تعالى: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ (٢) وهذا الاسم يعبر به عن موضع الدم مثل قولهم: مقيل، ومبيت، لموضع القيلولة، والبيتوتة، وإذا كان كذلك اقتضى أن ما عداه مباح، إذ لو لم يكن كذلك لم يكن لتخصيص النهي بموضع الدم معنى.
يوضح هذا ما روى أبو بكر بإسناده في «تفسيره»(٣) عن ابن عباس في قوله: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ (٤) يقول: اعتزلوا نكاح فروجهن (٥).
ويدل عليه ـ أيضاً ـ ما روى أحمد، وأخرجه مسلم عن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة أخرجوها من البيت، فسُئل رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ عن ذلك، فنزلت هذه الآية، فقال رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ:«جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلا النكاح» فقالت يهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئاً من أمرنا إلا خالفه (٦). فوجه الدلالة: أنه أباح كل شيء
(١) ينظر للحنفيّة: تبيين الحقائق ١/ ٥٧، حاشية ابن عابدين ١/ ٢٩٢. وللمالكيّة: المدونة ١/ ٥٢، شرح الخرشي ١/ ٢٠٨. وللشافعيّة: الأم ١/ ٩٥، روضة الطالبين ١/ ١٣٦. (٢) البَقَرَة: ٢٢٢. (٣) كتاب: (تفسير القرآن) لأبي بكر عبد العزيز بن جعفر الحنبلي، المعروف بغلام الخلال. [ينظر: طبقات الحنابلة ٢/ ١٢٠]. (٤) البَقَرَة: ٢٢٢. (٥) لم أقف عليه. (٦) أخرجه مسلم، كتاب الحيض ١/ ٢٤٦، ح ٣٠٢ من طريق حماد بن سلمة، حدثنا ثابت، عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي ﷺ فأنزل الله ـ تعالى ـ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ إلى آخر الآية، فقال رسول الله ﷺ: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير، وعباد بن بشر فقالا يا رسول الله، إن اليهود تقول: كذا وكذا، فلا نجامعهن؟ فتغيّر وجه رسول الله ﷺ حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي ﷺ، فأرسل في آثارهما فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما.