على غير البدن، ولأن الثوب وكل ملبوس إذا كان نجساً أمكننا تركه، وليس من ضرورتنا حمله في الصلاة، فإذا لم يجد ما يزيله صار تنجيسه كعدمه فيصلي عرياناً، فأما أعضاؤه فلا قدرة له على تركها، والتيمم طهارةُ ضرورةٍ وُضِعَ ليرفَعَ المنعَ فيُرفع (١).
فإن قيل:/ فاجعلوا هذه النجاسة غير المقدور على إزالتها لعدم ما يزيلها بمثابة القليلة التي سقطت إزالتها لأجل المشقة، فاعفُ عنها لمكان عدم ما يزيلها، ولا يستعمل التراب كما لا يستعمل الماء في غير محلها لرفع حكمها في محلها.
قلنا: لا وجه لاطِّراحها مع وجود طهور وُضع لإزالة المنع مع وجود المانع وهو الحدث، وله من القوة في رفع المنع بالتعدية ما ليس للماء.
والدليل عليه: أنه إذا عدم الماء لجميع أعضائه عندنا (٢)، وعند الشافعي (٣) غسل وجهه ويديه، ثم أوقع التيمم في وجهه ويديه ولا حدث عليها، ولا مانع، فعمل في رفع حدث بقية الأعضاء وجميع [البدن](٤) في الصغرى والكبرى جميعاً، والماء لا يعمل هذا العمل، بل إذا صادف محلاً فيه حدث رفع حدثه ثم تعدى، وهذا يصادف محلاً لا حدث فيه وهو الوجه واليدان فلا يعمل فيهما، ويتعدى مع ذلك، فيعمل في رفع المنع من الأعضاء، فتخصص بأنه يعتبر استعماله في محل لا يرفع عنه منعاً ولا مانعاً، ويكون ذلك الاستعمال له لرفع المنع من غير محل استعماله، فقد بان بهذا قوة محله في رفع المنع.
وأما الطهارة بالماء فإنما لم تؤثر؛ لأنه قادر على إزالة العين بالماء، فإذا عدل عن غسلها مع القدرة لم يجز، وإذا عدم الماء فهو غير قادر، فجاز العدول إلى التيمم كما قلنا في الطهارة عن الحدث: إذا كان واجداً
(١) يعني: العبادة التي يلزم لها الطهارة يرتفع المنع عن أدائها بالتيمم. (٢) ينظر: الجامع الصغير ص ٢٩، الإنصاف ١/ ٢٧٣. (٣) ينظر: الأم ٢/ ١٥٤، حلية العلماء ١/ ١٩٥. (٤) ما بين المعكوفين في الأصل: (اليدين)، وما أثبته هو الموافق للسياق.