للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن ابن أبي ليلى يحدث تارة عن أشياخ مجاهيل، عن عبد الله بن عكيم، وتارة عنه، ورُوي عنه أنه قال: وأنا صبي. وفي لفظ: وأنا شاب. وفي لفظ: قبل موته بشهر. وفي لفظ: بشهرين. ولأنه يرويه عن كتاب، وحامل الكتاب مجهول، فدل على ضعفه، ولو صح لم تكن فيه حجة؛ لأنه قال: فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب، والإهاب اسم للجلد ما دام على الميتة، فإذا دبغ سمي جلداً وأديماً. كذا ذكره النضر بن شميل (١) (٢)، وكان إماماً في اللغة.

قلنا: ما ذكرتم لا يقدح في الحديث؛ فإن ابن أبي ليلى يجوز أن يكون سمعه من أشياخ عنه، ثم سمعه منه ثانياً (٣).

وقوله: وأنا صبي. لم ينقل في حديثه، ولو نقل فيريد أنه شاب قريب العهد بالصبا، وقد يسمّى الشاب صبياً ما لم يلتحِ، ثم لو كان صبياً فلا يقدح؛ لأن ابن عباس، وابن الزبير (٤)، وغيرهما سمعوا من النبي ـ صلَّى الله عليه ـ وهم صبيان، وروايتهم عنه صحيحة، ولأن الشهادة ـ وهي أكمل من الإخبار ـ نسمعها من الصبي، ويؤديها بعد بلوغه فتقبل،


(١) النضر بن شميل بن خرشة، أبو الحسن، المازني، البصري، النحوي، اللغوي، الحافظ، نزيل مرو، كان عالماً بفنون من العلم صدوقاً ثقة، صاحب غريب، وفقه، وشعر، ومعرفة بأيام العرب، ورواية الحديث، وهو من أصحاب الخليل بن أحمد، وكان إماماً في العربية، والحديث، وهو أول من أظهر السنة بمرو وجميع خراسان، وقد تولى قضاء مرو، له مصنفات منها: كتاب الصفات، وكتاب غريب الحديث، وكتاب المصادر، وغيرها. مات سنة ٢٠٤ هـ وقيل غير ذلك. [ينظر: وفيات الأعيان ٥/ ٣٩٧، تاريخ الإسلام ٥/ ٢٠٧].
(٢) عزى هذا القول له في شرح الزركشي ١/ ١٥١. وفي لسان العرب ١/ ٢١٧ «الإهاب: الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ».
(٣) ينظر: علل الحديث ١/ ٥٩٢.
(٤) أبو بكر، عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، فارس قريش في زمنه، وأول مولود في المدينة بعد الهجرة، وكان من خطباء قريش المعدودين، وهو أول من ضرب الدراهم المستديرة، مات سنة ٧٣ هـ. [ينظر: أسد الغابة ٣/ ٢٤١، وفيات الأعيان ٣/ ٧١، الإصابة ٤/ ٧٨].

<<  <   >  >>