وفي نسبةِ هذا القولِ إلى رافعٍ والبخاريِّ نظرٌ؛ فليس هو بصريحٍ عنهما، وما جاء في خبرِ رافِعٍ أنَّه جعَلَ لزوجتِهِ - واسمُها سَلْمَى - ما أغلَقَتْ عيه بابَها مِن متاعٍ وأثاثٍ وطعامٍ ولباسٍ؛ وإنَّما رافعٌ أقَرَّ وأشهَدَ على هذا؛ لأنَّه تزوَّجَها فيما يَظهَرُ فقيرةً فبيَّنَ أنَّ متاعَ بيتِها لها لا يُنزَعُ منها؛ لأنَّها لا مالَ عندَها قبلَ زواجِهِ بها؛ وهذا قولٌ معروفٌ عندَ الفقهاءِ، يقولُ به مالكٌ وغيرُه، وهو ممَّن يقولُ أنْ لا وصيَّةَ لوارثٍ، والإقرارُ للوارثِ في حالِ الحياةِ شيءٌ, والوصيَّةُ له بعدَ المماتِ شيءٌ.
والنبيُّ ﷺ مع أنَّه لا يُورَثُ؛ كما قال في "الصحيحِ": (لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ)(٣)، لم تدخُلْ نفقةُ نسائِهِ ومؤونةً عامِلِهِ في تَرِكَتِهِ التي لا تُورَثُ؛ فقد جاء في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ؛ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَؤُونَةِ عَامِلِي، فَهُوَ صَدَقَةٌ)(٤).