وقولُ الثعلبيِّ:"إنَّه لم يَقُلْ بهذا التأويلِ غيرُ الشافعيِّ"(١)، فِيه نظرٌ؛ فقد رواهُ الدارقطنيُّ، عن زيدِ بنِ أَسْلَمَ؛ قال:"ذلك أَدْنى ألَّا يكثُرَ مَن تَعُولُونَه"(٢).
وربَّما أخَذَهُ الشافعيُّ مِن قولِهِ ﷺ؛ كما في "الصحيحَيْنِ": (وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ)(٣).
ولكنَّ النصوصَ والأثرَ تُضعِّفُ القولَ بهذا التأويلِ في هذه الآيةِ وفي هذا السياقِ؛ فلم يَثْبُتْ في تركِ الأولادِ وتكثيرِهم خشيةَ الفقرِ والنفقةِ شيءٌ.
حكمُ تعدُّدِ الزوجاتِ:
وتعدُّدُ الأزواجِ للقادرِ العادلِ شِرْعَةٌ نبويَّةٌ وفِطْرةٌ صحيحةٌ؛ فقد تزوَّجَ إبراهيمُ اثنتَيْن، وتزوَّجَ داودُ ألفَ امرأةٍ؛ كما جاء في التوراةِ وفي بعضِ حكاياتِ بني إسرائيلَ، وتزوَّج سليمانُ مِئَةَ زوجةٍ؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ أبي هريرةَ (٤)، وجمَعَ خيرُ الناسِ محمدٌ ﷺ إحدى عَشْرةَ، وقيل: تسعَ نِسْوةٍ، والروايتانِ في "الصحيحِ"؛ مِن حديثِ أنسٍ (٥).
وأكثرُ الصحابةِ تزوَّجُوا أكثَرَ مِن واحدةٍ، منهم مَن جمَعَهنَّ، ومنهم مَن تزوَّجَ وفارَقَ، وقد روى البخاريُّ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ؛ قال: قال لي ابنُ عبَّاسٍ: "هَلْ تَزَوَّجْتَ؟ قُلْتُ: لا، قال: فَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً"(٦).
وهو شِرْعَةٌ إلهيَّةٌ لحكمةٍ عظيمةٍ، بها يتحقَّقُ دفعُ مفاسدَ عظيمةٍ مِن