وكانتِ العربُ في الجاهليَّةِ - ومنهمُ الأنصارُ في المدينةِ - إذا أحرَمُوا للحجِّ والعُمْرةِ عاقدِينَ لها مِن بيوتِهم، لم يُجِيزُوا لأنفسِهِمْ دخولَ البيوتِ مِن الأبوابِ، ويَرَوْنَ ذلك مِن المحظوراتِ عليهم، وكذلك الاستظلالُ تحتَ أَسْقُفِ بيوتِهم، وكانوا يشدِّدونَ على أنفسِهم في ذلك، فإذا احتاجُوا إلى بيوتِهم، دخَلُوها مِن الأسوارِ ومِن ظهورِها، وربَّما دخَلُوها مِن غيرِ أبوابِها كالنوافذِ ونحوِها.
روى ابنُ جريرٍ، عنِ ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهِدٍ؛ في قولِ اللهِ - تعالى ذِكْرُهُ -: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا﴾؛ يقولُ:"ليس البِرُّ بأنْ تأتُوا البيوتَ مِن كُوَّاتٍ في ظهورِ البيوتِ، وأبوابٍ في جُنُوبِها، تجعلُها أهلُ الجاهليَّةِ، فنُهُوا أن يدخُلُوا منها، وأُمِرُوا أن يدخُلُوا مِن أبوابِها"(١).
وروى نحوَهُ عبدُ الرزَّاقِ (٢)، وعنه ابنُ جريرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْريِّ (٣).
ورواه ابنُ جريرٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي جَعْفرٍ، عن أبيهِ، عن الربيعِ (٤).