إسلامُهُ في عجزِهِ عن التصرُّفِ ولو لم يكن في غَزْوِ قتالٍ؛ لأنَّه حُصِرَ لأجلِ إيمانِهِ، وهو أَوْلى مِنِ ابنِ السبيلِ الذي انقطَعَتْ به السبُلُ لأجلِ رزقِ دنياهُ، ويدخُلُ في هذا فِي بابِ أَوْلى فكَاكُ الأسيرِ بالمالِ؛ حتَّى يتمكَّنَ مِن الخروجِ إلى المسلِمِينَ.
وفَكَاكُ المرأةِ الأسيرةِ أوجَبُ مِن الرجلِ؛ لأنَّ الرجلَ يُخشى على دِينِهِ ونفسِه، والمرأةَ يُخشى على دينِها ونفسِها وعِرْضِها، وكُلَّما عَظُمَ الأثرُ على الأسيرِ في نفسِهِ وعلى مَنْ خَلْفَه، ففَكَاكُهُ أوجَبُ وأعظَمُ.
وإذا وجَبَ القِتَالُ لِفَكِّ الأَسْرى، فبَذْلُ المالِ لذلك أَوْلى مِن بَذْلِ الدمِ، وقد روى أشهَبُ وابنُ نافعٍ، عَن مالكٍ؛ أنَّه سُئِلَ: أواجِبٌ على المسلِمِينَ افتداءُ مَنْ أُسِرَ منهم؟ قال: نَعَمْ؛ أليسَ واجب عليهم أن يُقاتِلوا حتَّى يَستنقِذوهُم؟ فكيف لا يَفْدُونَهُمْ بأموالِهِمْ؟ !
وقال أحمدُ: يُفادَوْنَ بالرؤوسِ، وأمَّا بالمالِ، فلا أَعرِفُهُ (٢).
ولعلَّ مرادَ أحمدَ: أنَّ النبيَّ ﷺ كان يُفادِي الأَسرى بالأَسرى، لا بالمالِ؛ لأنَّ هذا أقوى لشَوكةِ المسلِمِينَ وهَيْبَتِهم، وألَّا يُسْتَضْعَفُوا ويُهانُوا؛ فالنفوسُ أعظَمُ منزِلةً مِن الأموالِ عند أهلِها، والرأسُ بالرأسِ مكافَأَةٌ بالمثلِ؛ لا يَظهَرُ في ذلك استضعافٌ لأحدٍ، وأَمَّا المالُ، فيَظهَرُ