وذِكْرُ العددِ إشارةٌ إلى التيسيرِ؛ فاللهُ تعالى لم يَفرضْ صيامَ الدَّهْرِ، بل نَهَى عنه، ولم يَأْذَنْ للأمَّةِ بتركِ الصيامِ، بل جعَلَهُ مفروضًا عليها بأيَّامٍ معدودةٍ، يَعرِفُهُ أدنى المكلَّفِينَ بالتشريعِ.
ضبطُ الشهر برؤية الهلال، لا بالحساب، والحكمةُ من ذلك:
وفيه تنبيهٌ على أنَّ التيسيرَ في ضبطِ عددِ الأيَّامِ مقصودٌ؛ لذا علَّقَ معرفةَ الأيَّامِ بدايةً ونهايةً برؤيةِ الهلالِ، وتعليقُ ذلك بالحسابِ تكلُّفٌ وتشديدٌ يُنافي المقصودَ مِن التيسيرِ، فالرُّؤْيةُ تكليفٌ يستطيعُهُ البادي والحاضرُ، راكبُ البَرِّ وراكبُ البحرِ، الفردُ والجماعةُ.
والتيسيرُ في ضبطِ دخولِ الشهرِ وخروجِهِ شبيهٌ بضبطِ القِبْلةِ؛ ولذا جاء في الحديثِ مرفوعًا وموقوفًا:(مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ قِبْلَةٌ)(٢)، وقد كان أحمدُ يَنْهَى عن التكلُّفِ في تحديدِ القِبْلةِ بالجَدْيِ ونحوِه مِن النجومِ (٣).