وعنادِهم، ويُروى عنه ﷺ قولُهُ: (اسْتَوْصُوا بِالأُسَارَى خَيْرًا) (١)؛ ولذا قال مالكٌ لمَّا سُئِلَ عن تعذيبِ الأسيرِ؟ قال: ما سَمِعْتُ بذلك (٢).
وإنَّما الثابتُ عن بعضِ الصحابةِ مَسُّ قِلَّةِ منهم؛ لاستظهارِ شيءٍ عظيمٍ يُبطِنونَهُ؛ كما يأتي بيانُ ذلك بشروطِه.
وقد كان النبيُّ ﷺ يحذِّرُ مِن تعذيبِهم، وقد صحَّ في مسلمٍ؛ مِن حديثِ عُرْوةَ بنِ الزُّبَيْرِ؛ قال: مَرَّ هِشَامُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَلَى أُنَاسٍ مِنَ الْأَنْبَاطِ بِالشَّام، قَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْس، فَقَالَ: مَا شأْنُهُمْ؟ قَالُوا: حُبِسُوا فِي الْجِزْيَة، فَقَالَ هِشَامٌ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا) (٣).
ورأى الرسولُ أُسَارى بني قُرَيْظةَ في حَرِّ الشَّمْسِ؛ فقال: (أَحْسِنُوا إِسَارَهُمْ، وَقَيِّلُوهُمْ، وَأَسْقُوهُمْ حَتَّى يُبْرِدُوا؛ لَا تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ وَحَرَّ السِّلَاحِ) (٤).
ولمَّا فتَحَ رسولُ اللهِ ﷺ القَمُوصَ حِصْنَ ابنِ أبي الحُقَيْق، نمَّ مَرَّ بلالٌ بصَفِيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ ومعَها ابنةُ عمٍّ لها، على قَتْلَى يهودَ، قال النبيُّ لبلالٍ: (أَنُزِعَتِ الرَّحْمَةُ مِنْ قَلْبِكَ حِينَ تَمُرُّ بالمَرْأَتَيْنِ عَلَى قَتْلَاهُمَا؟ ! )؛ رواهُ ابنُ إسحاقَ عن والدِه إسحاقَ بنِ يَسَارٍ (٥).
حُكْمُ تعذيبِ الأسيرِ لإظهارِ أمرٍ:
وإذا كان لدى الأسيرِ أمرٌ يُخْفيهِ يَنتَفِعُ منه المسلِمونَ، فهل لهم تعذيبُهُ؟ :
(١) أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (٤٠٩).(٢) "التاج والإكليل, شرح مختصر خليل" (٣/ ٣٥٣).(٣) أخرجه مسلم (٢٦١٣).(٤) "مغازي الواقدي" (٢/ ٥١٤).(٥) "شرح الزرقاني على المواهب اللدنية" (٣/ ٢٧٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute