بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا … )؛ الحديثَ (١): دلالةٌ على ذلك، فذكَرَ الزرعَ وأذنابَ البقرِ؛ لأنَّ الزرعَ يطولُ انتظارُهُ فيُغرَسُ ويُسقَى ويُنتظَرُ حصادُهُ ثمَّ بيعُهُ وتَقَوُّتُه، وكذلك بيعُ العِينَةِ آجِلٌ، يختلِفُ عن البيعِ الذي ينتهي بالقبضِ ولا أجَلَ فيه؛ إشارةً إلى أنَّ هذه الأنواعَ دنيا يطولُ بها الزمنُ، وتترقَّبُها القلوبُ، وترقُّبُها وكثرتُها تزهِّدُ في الجهادِ وتنقبِضُ منه النفوسُ.
ولمَّا كانتِ الحياةُ ضدَّ الموت، كان المتعلِّقُ بها كارهًا للجهادِ؛ لأنَّ الجهادَ مَظِنَّهُ القتلِ؛ لهذا قال تعالى بعدَ هذه الآيةِ: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ﴾ [النساء: ٧٨]؛ في الفرارِ مِن القتلِ في سبيلِ الله، فأصلُ الفِرارِ مِن الجهادِ حبُّ الحياةِ الدنيا.