وإذا أمكَنَ الجمعُ بينَهما ما لم يتَجاوَزَا الثُّلُثَ، فيُجمَعُ بينَهما، وإلَّا فالأخيرةُ منهما.
روى ابنُ أبي شَيْبةَ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْريِّ؛ قال:"إذا أَوْصى الرَّجُلُ بوصيَّةٍ، ثمَّ نقَضَها، فهي الآخِرةُ، وإنْ لم يَنْقُضْها، فإنَّهما تَجُوزَانِ جميعًا في ثُلُثِهِ بالحِصَصِ"(٢).
وقال أبو حنيفةَ:"إن لم يكُنْ للمُوصِي وَرَثةٌ - ولو عَصَبةً - دُونَ بيتِ المالِ، جازَ للمُوصِي أن يُوصيَ بجميعِ مالِه، ومَضَى ذلك؛ أخذًا بالإيماءِ إلى العِلَّةِ في قولِهِ:(إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَتَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ). . . الحديثَ"(٣).
وقال:"إنَّ بيتَ المالِ جامعٌ لا عاصبٌ".
ورُوِيَ أيضًا عن عليٍّ وابنِ عبَّاسٍ ومسروقٍ وإسحاقَ بنِ راهَوَيْهِ.
موتُ الفجأةِ وعدمُ الوصيَّةِ:
ومَن مات مِن غيرِ وصيَّةٍ، كمَن أُخِذَ فَجْأةً، وله مالٌ -: استُحِبَّ التصدُّقُ عنه مِن مالِه، بما لا يُجحِفُ بحقِّ الوَرَثةِ، ولا يزيدُ عن ثُلُثِ المالِ؛ لقد روى البخاريُّ ومسلمٌ وأبو داودَ وغيرُهم؛ مِن حديثِ عُرْوةَ، عن عَائِشةَ؛ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَلَوْلَا ذَلِكَ، لَتَصَدَّقَتْ وَأَعْطَتْ، أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٠٧٣٧) (٦/ ٢١٠). (٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٠٧٣٦) (٦/ ٢١٠). (٣) سبق تخريجه.