واللهُ ذَكَرَ كفَّارةَ الأيْمان، ولم يذكُرْ كفارةَ العهدِ واليمينِ الغموسِ؛ كما في قولِه تعالى: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] , وفرَّقَ الله بينَ العهدِ واليمينِ هنا، فجعلَ العهدَ أعظمَ وَيلحَق به اليمين الغموسُ، وقد اختلَفَ العلماء في حُكْمِ الكفارةِ في اليمنِ الغموسِ:
القول الأولُ: قول جمهورِ الفقهاءِ؛ كمالكٍ وأبي حنيفةَ والثوري وأحمدَ: أنّه لا كفارةَ فيها, لأنَّ اللهَ لما ذَكَرَ العهدَ - وهو يمين غموسٌ - رهَّبَ وخوَّفَ وتوعَّدَ، ولم يَذكُرِ الكفارةَ، كما ذكَرَها في الأَيمانِ، وهذا ظاهر في حديتِ ابن مسعود في قصةِ الأشعثِ؛ حيثُ قال ﷺ:(مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبرٍ، يَقتطعُ بها مَالَ امرِئٍ مُسْلِمٍ هوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقيَ اللهَ وَهُوَ عليه غضْبانُ)(٢)، ولم يأمُر بالكفارةِ لِعظمها، روى ابن المنذرِ عن ابنِ المسَيَّبِ؛ قال:"اليمينُ الفاجرةُ من الكبائرِ"(٣).
وقد توعَّد الله قائلَها بأنَّه لا خَلاقَ له في الآخِرةِ؛ أيْ: لا نَصِيبَ له.
وقال بأنه لا كفارةَ في اليمينِ الغموسِ جماعةٌ مِن السلفِ؛ كابنِ عباسٍ، فقد روى الطبري، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ: