قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠].
الرِّباطُ صِنْوُ الجهادِ الأصغر، وهو حمايةُ الحُرُماتِ ممَّن يَسْتبيحُها، وهو مِن المُرابَطةِ والرَّبْطِ، وهو طولُ الإقامةِ والملازَمةِ للمكان، ومَن ماتَ في رباطٍ، كان له أجرُ الشهيدِ وفضلُهُ؛ ففي "صحيح البخاريِّ"، عن سهلِ بنِ سعدٍ ﵁؛ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: (رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا) (١).
وفي "صحيح مسلمٍ"، عن سَلْمَانَ ﵁؛ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: (رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِه، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الذي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الفَتَّانَ) (٢).
وعن فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ ﵁؛ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: (كُلُّ المَيِّتِ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا المُرَابِطَ؛ فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَة، وَيُؤَمَّنُ مِنْ فَتَّانِ القَبْرِ)؛ رواهُ أبو داودَ والترمذيُّ (٣).
فضلُ الرباطِ وانتظارِ العبادة:
وكلُّ طولِ انتظارٍ لعبادةٍ، فهو رباطٌ، ويَعْظُمُ الرِّباطُ بأمورٍ:
الأولُ: بمقدارِ ورودِ الخوفِ على المُرابِطِ يكونُ الأجرُ له أعظَمَ؛ فمَن رابَطَ على ثَغْرٍ مَخُوفٍ ليس كمَنْ رابَطَ على ثغرٍ آمِنٍ.
الثاني: بمقدارِ ما يقومُ على حمايتِه؛ فمَن يُرابِطُ على الأعراضِ والأنفُسِ أعظَمُ ممَّن يُرابِطُ على الأموال، ومَن يُرابِطُ على حُرْمةِ الدِّينِ
(١) أخرجه البخاري (٢٨٩٢) (٤/ ٣٥).(٢) أخرجه مسلم (١٩١٣) (٣/ ١٥٢٠).(٣) أخرجه أبو داود (٢٥٠٠) (٣/ ٩)، والترمذي (١٦٢١) (٤/ ١٦٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute