والآية تَحتمِلُ المعنَييْنِ جميعًا، وفيها على المعنى الثاني دليلٌ على جوازِ التطبُّبِ ومشْروعيَّةِ الرُّقْيةِ عندَ المرضِ، وقد رَقَى النبيُّ ﷺ ورُقِيَ، ولم يَسْتَرقِ لنفسِه، وقد سمَّى النبيُّ ﷺ الرُّقيةَ نفعًا، وحَثَّ على بَذْلِها لمَن كان عارفًا بها ووجَدَ أثرًا على غيرِهِ منه، وقد رَوَى مسلمٌ؛ مِن حديثِ جابرٍ؛ قال: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الرُّقَى، فَجَاءَ آلُ عَمْرو بنِ حَزْمِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَانَتْ عِندَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ، وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَن الرُّقَى، قَالَ: فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ:(مَا أَرَى بَأْسًا، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ، فَلْيَنْفَعْهُ)(٣).
ولا تجوزُ الرُّقيةُ بالشِّرْكِ وما لا يُعرَفُ لفظُهُ ولا معناه، وقد رَوَى عوفُ بنُ مالكٍ مرفوعًا:(اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ)(٤).
(١) "تفسير الطبري" (٢٣/ ٥١٣ - ٥١٤)، و"تفسير القرطبي" (٢١/ ٤٣٤). (٢) البيت ليزيد بن خَذَّاق في "الشعر والشعراء" لابن قتيبة (ص ٣٨٦)، و"جمهرة الأمثال" لأبي هلال العسكري (٢/ ٣٥٩)، ونسب خطأً في "المفضَّليات" (ص ٣٠٠) للممزَّق العبدي؛ كما أشار إلى ذلك العلامة أحمد شاكر. (٣) أخرجه مسلم (٢١٩٩). (٤) أخرجه مسلم (٢٢٠٠).