أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ)؛ رواهُ الدارقطنيُّ، عن عمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه (١).
وله عن ابنِ عبَّاسٍ ﵄: (لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ) (٢).
ولا تعارُضَ بينَ قولِهِ ﷺ: (لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) وبينَ قولِ اللهِ تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠] فالآيهُ منسوخةٌ عندَ عامَّةِ العلماء، وإنِ اختَلَفَ المفسِّرونَ في ناسِخِها.
وهذه الآيةُ كانت في بدايةِ الإسلامِ؛ ففد كانتِ العربُ تَدفَعُ الأموالَ للأولاد، ولا تُعطي الآباءَ؛ فكانتِ الوصيَّةُ للآباءِ قبلَ فرضِ حقِّهم، ثمَّ خصَّ الله الآباءَ بميراثٍ، ووصَّى بالأقربينَ.
وفي "صحيحِ البخاريِّ"، في بابِ: "لا وصيَّةَ لوارثٍ"، عن ابنِ عبَّاسٍ ﵄؛ قال: "كَانَ المَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْن، فَنَسَخَ اللهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْن، وَجَعَلَ لِلْأبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، وَجَعَلَ لِلْمرأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَللزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ" (٣).
وحديثُ: (لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) مُحكَمٌ صحيحٌ، وجعَلَهُ بعضُ الأئمَّةِ متواتِرًا؛ فقد رُوِيَ مِن حديثِ جماعةٍ مِن الصحابةِ يَزيدونَ على العَشَرةِ، وقد عدَّهُ الشافعيُّ متواترًا في "الأمِّ"، ثمَّ قال: "أهلُ العلمِ بالمَغازي؛ مِن قريشٍ وغيرِهم، لا يختلِفونَ في أنَّ النبيَّ ﷺ قال عامَ
(١) أخرجه الدارقطني "سننه" (٤١٥٤) (٥/ ١٧٢).(٢) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٤١٥٥) (٥/ ١٧٣).(٣) أخرجه البخاري (٢٧٤٧) (٤/ ٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute