دليلنا: ما رُوي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتظر في صلاة الخوف (١)؛ لأجل إدراك الناس فضيلة الجماعة، وهذا تنبيه على غيره.
فإن قيل: صلاة الخوف لم تسن في الأصل إلا هكذا.
قيل: لا نسلم لك أنه غير مسنون في غيرها من الصلوات، بل هو مشروع لانتظار المأموم ليلحق الجماعة؛ كما هو في صلاة الخوف.
فإن قيل: الخبر وارد في صلاة الخوف، ونحن نقول بموجبه فيما ورد فيه، وخلافنا في غيره.
قيل: ورود الخبر في صلاة الخوف تنبيهٌ على غيره من الصلوات؛ إذ لا فرق بينهما؛ لأنه - عليه السلام - إنما انتظر في صلاة الخوف؛ ليحصل لهم فضيلة الجماعة، وهذا موجود في غيرها.
وأيضًا: روى عصمة بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر، وقعد في المسجد، إذ دخل رجل يصلي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا رجلٌ يقوم فيتصدَّقُ على هذا، فيصلي معه؟ "(٢)، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبب إدراكه فضيلةَ الجماعة صدقةً يستحق بها الثواب، ولم يجز أن يقال: إن
(١) ينظر: صحيح البخاري، كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع، رقم (٤١٢٩)، وصحيح مسلم، كتاب: صلاة المسافرين، باب: صلاة الخوف، رقم (٨٤٢). (٢) أخرجه الدارقطني في سننه، كتاب: الصلاة، باب: إعادة الصلاة في جماعة، رقم (١٠٨٢)، والحديث ضعيف. ينظر: التحقيق (٤/ ٧٤)، والتنقيح لابن عبد الهادي (٢/ ٥١٠).