فإن قيل: روي في خبر أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للناس:"مكانكم"، فلم يزالوا قيامًا ينتظرون حتى خرج.
قيل: يحتمل أنهم لم يزالوا قيامًا في غير صلاة ينتظرونه حتى خرج.
فإن قيل: روى الدارقطني بإسناده (١) عن أنس - رضي الله عنه -: أنه قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته، فكبر وكبرنا معه، ثم أشار إلى القوم: كما أنتم، فلم نزل قيامًا حتى أتانا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد اغتسل ورأسُه يقطُر ماء (٢).
قيل له: إن ثبت هذا الخبر، فلا دلالة فيه؛ لأنه لا خلاف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رجع، كَبَّر، وقد قال لهم:"إذا كبر الإمام، فكبروا"(٣)، فلم يكونوا ليخالفوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيتركون التكبير عند تكبيره، فالظاهر من أمرهم: أنهم استأنفوا التكبير عند تكبير النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فإن قيل: روى أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالناس جنبًا،
(١) في السنن، باب: صلاة الإمام وهو جنب أو محدث، رقم (١٣٦٢)، وأشار إلى الاختلاف في وصله. (٢) أخرجه البيهقي في الكبرى، كتاب: الصلاة، باب: إمامة الجنب، رقم (٤٠٧١)، وأشار إلى رواية المرسل، قال ابن حجر في التلخيص (٢/ ٩٢٧): (اختلف في وصله وإرساله). (٣) أخرجه البخاري في كتاب: الأذان، باب: إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، رقم (٧٣٣)، ومسلم في كتاب: الصلاة، باب: ائتمام المأموم بالإمام، رقم (٤١١).