فقال أبو بكر: هذا شعر قيل في صدر الدنيا وجاء فيه الإقواء (١).
فقلت: إن لها وجها يخرجه عن الإقواء، فقال: ما هو؟ قلت: نصب بشاشة، وحذف التنوين فيها لالتقاء الساكنين فيكون بهذا التقدير نكرة منتصبة على التمييز، ثم رفع الوجه، وصفته بإسناد"قل"إليه فيصير اللفظ: قل بشاشة الوجه المليح، فقال:
ارتفع، فرفعني حتى أقعدني إلى جنبه.
وقد وجد بخط الإمام كمال الدين الدميري في بعض مجاميعه بعده ذكره وقال: اعلم أن الإقواء وقع في كلامهم كثيرا فمن ذلك قول القائل:
لا مرحبا بغد ولا أهلا به … إذا كان ترحال الأحبة في غد
زعم البوارح (٢) … أن رحلتنا غدا
وبذلك خبرنا الغداف (٣) الأسود
وقال عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي من شعراء الإسلاميين:
تعالوا أعينوني على الليل أنه … على كل عين لا تنام طويل
(١) الإقواء: في عيوب القافية، وهي تحريك المجرى بحركتين مختلفتين غير متباعدتين مثل الكسرة والضمة. قال الأخفش: (أما الإقواء فمعيب، وقد تكلمت به العرب كثيرا، وهو رفع بيت وجز آخر، نحو قول الشاعر: لا بأس بالقوم من طول ومن عظم … جسم البغال وأحلام العصافير ثم قال: كأنهم قصب جوف أسافله … مثقب نفخت فيه الأعاصير جر قافية ورفع أخرى. ينظر: الهاشمي، السيد أحمد، ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، مكتبة التقاء، بغداد، ١٣٩٩ هـ /١٩٧٩ م: ص ١٢٣؛ العبيدي، د. رشيد عبد الرحمن، معجم مصطلحات العروض والقوافي، ط ١، مطبعة جامعة بغداد،١٤٠٦ هـ /١٩٨٦ م): ص ٢١٣. (٢) البوارح: جمع البارح وهو الريح الحارة في الصيف. ينظر: الفيروزآبادي، القاموس:١/ ٣٢٥. (٣) الغداف: غراب القيظ، والنسر الكثير الريش. ينظر الفيروزآبادي، القاموس:٢/ ١١١٩.