الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر الإمام رضي الله عنهما وعن آبائهما الكرام فقام، وقال: يا ابن رسول الله لو علمت أول ما وقفت لما قعدت، وأنت قائم، فقال:
اجلس وافتي الناس، على هذا أدركت آبائي.
فإن قلت: هل لشهادة هؤلاء تأثير في الترجيح؟ قلت: نعم، وأي تأثير عند أرباب الفطنة، وذلك ثابت بالكتاب والسنة، اما الكتاب فقوله تعالى:{وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ .. }. (١). قالت طائفة المفسرين: إنه شهادة البعض على البعض في الدنيا، وأما السنة، فما في صحيح مسلم (٢) عن أنس رضي الله عنه، عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: حين مرت به جنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال: وجبت ثلاثا، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليه شرا، فقال: وجبت، ثلاثا، فقال عمر: فداك أبي وأمي ما وجبت؟ قال (صلى الله عليه وسلم): «من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، وأنتم شهداء الله في أرضه»، ثلاثا، ولا ينافي هذا ما في البخاري وغيره: أنه الشهادة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم.
[فصل في مقام علمه]
ذكر الغزنوي (٣) عن زفر (٤) عن الإمام أنه قال: بلغت الغاية في الكلام حتى صرت مشارا إليه للأنام، وكنت أجلس بقرب حلقة حماد، فسئلت عن من له زوجة أمة كيف يطلقها للسنة (٥)؟ فلم أهتد إلى جواب المسألة؛ فقلت: لا حاجة لي في علم
(١) سورة البقرة: الآية:٢٤٣. (٢) ينظر: مسلم، الصحيح:٢/ ٦٥٥. (٣) هو: أبو الحسن، علي بن الحسين. ستأتي ترجمته برقم ٣٨٢. (٤) ينظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد:١٣/ ٣٣٣. (٥) ذكر الموفق المكي، في المناقب:١/ ٥٥ «فجائتني إمرأة يوما فقالت رجل له إمرأة أمة أراد أن يطلقها للسنة، كم يطلقها، فأمرتها أن تسأل حمادا، ثم ترجع فتخبرني، فسألت حمادا،-