يكرهُ للمصلِّي: اقتصارُه على الفاتِحةِ، وتَكرارُهَا، والتِفاتُه بلا حاجةٍ،
ولا ثوابَ في فعلِه. قال ابنُ مفلحٍ في " فروعه ": قالوا في الأصولِ: المكروهُ: لا ثوابَ في فعلِه. قال: وقدْ يكونُ المرادُ منهم: ما كُرِه بالذَّاتِ، لا بالعَرَضِ. قال: وقدْ يُحملُ قولُهم على ظاهرِه. ولهذا لما احتجَّ مَنْ كَرِه صلاةَ الجنازةِ في المسجدِ بالخبرِ الضعيفِ الذي رواه أحمدُ وغيرُه (١): "مَنْ صلَّى على جنازةٍ في المسجدِ، فليس له من الأجرِ شيءٌ". لمْ يقلْ أحدٌ بالأجرِ مع الكراهةِ، لا اعتقادًا ولا بحثًا.
وهو في عُرفِ المتأخرين للتنزيه، يعني: أنَّ المتأخرين اصطلَحوا على أنَّهم إذا أطلقوا الكراهةَ، فمرادُهم التنزيهُ، لا التحريمُ. وإنْ كان عندَهُم لا يمتنعُ أنْ يُطلقَ على الحرامِ، لكن قدْ جرتْ عادتُهم وعرفُهم: أنَّهم إذا أطلقوه أرادوا التنزيهَ. وهذا مصطلحٌ لا مشاحَّةَ فيه (٢).
و (يُكره للمصلِّي) فرضًا: (اقتصارُه على الفاتحةِ) فإنَّه خلافُ المأمورِ به.
(و) يُكره (تكرارُها) أي: الفاتحةِ في ركعةٍ؛ لأنَّها ركنٌ، وفي إبطالِ الصَّلاةِ بتكرارِها خلافٌ، وقد ذكرَ في "الفائق" وغيره، أنَّها روايةٌ.
(و) يُكره (التفاتٌ) قال في "الإقناع"(٣): يسيرٌ، لحديثِ عائشةَ قالتْ: سألتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفاتِ في الصَّلاةِ؟. فقال:"هو اختلاسٌ يختلسُه الشيطانُ من صلاةِ العبدِ". رواه البخاريُّ (٤). (بلا حاجةٍ) كخوفٍ على نفسِه أو مالِه، ونحوِه
(١) أخرجه أحمد (١٥/ ٤٥٤) (٩٧٣٠)، وابن ماجه (١٥١٧) من حديث أبي هريرة. وحسنه الألباني. (٢) انظر "شرح الكوكب المنير" (١/ ٤١٣، ٤١٨). (٣) انظر "كشاف القناع" (٢/ ٤٠٣). (٤) أخرجه البخاري (٧٥١).