(ويُستَحبُّ أكلُهُ) مِنهُ (ولو) كانَ المدعوُّ (صائِمًا) تَطوُّعًا. وفي تَركِ الأكلِ كَسرُ قَلبِ الدَّاعِي، استُحِبَّ أن يُفطِرَ؛ لأنَّ في أكلِهِ إدخَالَ السرُورِ على قلبِ أخيهِ المسلِم. وقد رُوي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في دعوةٍ ومعَهُ جماعَةٌ، فاعتَزَلَ رجلٌ مِن القَومِ ناحيةً، فقال: إني صائِمٌ. فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "دعاكُم أخوكُم وتكلَّفَ لكُم! كُلْ يَومًا، تمَّ صُم يَومًا مكانَه إن شِئتَ"(١).
(لا) إن كانَ (صَومًا واجِبًا) فلا يُفطِر؛ لقَوله سبحانه وتعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٣]. ولأنَّ الفِطرَ مُحرَّمٌ، والأكلَ غَيرُ واجِبٍ. وقد رَوى أبو هريرَة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دُعِيَ أحدُكُم فَليُجِبْ، فإن كان صائِمًا فليَدْع، وإن كان (٢) مفطرًا فليطعم". رواه أبو داود (٣). وفي رواية:"فليُصَلِّ". يعني: يدعُو.
ودُعِيَ ابنُ عمرَ إلى وليمَةٍ، فحضَرَ ومدَّ يدَه، وقال: بِسمِ الله، ثم قَبَضَ يدَهُ وقالَ: كُلُوا فإنِّي صائِمٌ (٤).
وسُنَّ الإخبَارُ بِصيامِه، كما فَعلَ ابنُ عمرَ؛ ليَعلَموا عُذرَهُ فتزولَ عنهُ التُّهمَةُ في تَركِ الأكلِ. وعن عبد الله قال: إذا عُرِضَ على أحدِكُم طعامٌ وهو صائمٌ، فليَقُل: إني صائِمٌ (٥).
(١) أخرجه البيهقي (٤/ ٢٧٩) من حديث أبي سعيد الخدري. وحسنه الألباني في "الإرواء" (١٩٥٢). (٢) سقطت: "كان" من الأصل. (٣) أخرجه أبو داود (٢٤٦٠)، وصححه الألباني. (٤) أخرجه البيهقي (٧/ ٢٦٣). (٥) أخرجه عبد الرزاق (٤/ ٢٠٠).