يُزيل تنظيفه، استحب له أن يُؤخر الغُسل لوقت ذهابه، ولعل هذا هو الذي لحظه مالكٌ فشرط اتصال الذهاب بالغسل ليحصل الأمن مما يُغاير التنظيف. (١)
وقال الإمام النووي: واختلف العلماء في غُسل الجمعة: فحُكي وجوبه عن طائفة من السلف، حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أهل الظاهر، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك.
وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنَّةٌ مُستحبةٌ وليس بواجب، قال القاضي: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه.
واحتج من أوجبه بظواهر الأحاديث، واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة، منها: ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه -، قال: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِذْ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رضي الله عنه -، فَعَرَّضَ بِهِ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِدْتُ حِينَ سَمِعْتُ النِّدَاءَ أَنْ تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا، أَلَمْ تَسْمَعُوا رَسُولَ اللهِ - رضي الله عنه - يَقُولُ:«إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ». (٢) ووجه الدلالة: أن عثمان فعله، وأقرَّه عمر، وحاضروا الجمعة، وهم أهل الحل والعقد، ولو كان واجبا لَمَا تركه، ولألزموه … الخ. (٣)
وقال ابن حبَّان: في هذا الخبر دليلٌ صَحِيحٌ على نَفْيِ إيجاب الغُسْل للجُمُعَةِ على مَنْ يَشْهَدُهَا، لأنَّ عُمَرَ ابن الخطَّابِ، كان يخطُبُ، إذ دخل المسجدَ عُثْمَانُ بن عَفَّانَ، فأخبره أنَّهُ ما زاد على أن توضَّأ، ثُمَّ أتى المسجدَ، فلم يأمره عُمَرُ ولا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالرُّجُوعِ والاغتسال للجمعة، ثُمَّ العود إليها، ففي إجماعهم على ما وَصَفْنَا أبينُ البيان بأنَّ الأمرَ كان مِنَ المُصْطَفَى - صلى الله عليه وسلم - بالاغْتِسَالِ للجُمُعَةِ أمرُ نَدْبٍ لا حَتْمٍ. (٤)
وقال ابن رجب الحنبلي: وأكثر العلماء على أنه يستحب، وليس بواجب.
وذكر الترمذي أن العمل على ذلك عند أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم.