- أخرج الإمام عبد الرزاق في "المصنف"(٢٣١٧) - ومن طريقه ابن المُنذر في "الأوسط"(٢٤٨١) -، عن عبد الله بن عُمر العُمري، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سُتْرَةُ الإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ وَرَاءَهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وبه آخُذُ، وهو الأمر الذي عليه النَّاسُ.
قلتُ: وهذا موقوف على ابن عُمر، وليس مرفوعًا، وفيه عبد الله بن عُمر العُمَري "ضعيفٌ". (١)
- وأخرج البخاري في صحيحه" ب/سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفه، ومسلم في "صحيحه"، من حديث عبد الله بن عبَّاس - رضي الله عنه -، قال: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلَامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ. (٢)
قال ابن رجب: ففي هذه الروايات: أنَّ ابن عبَّاس مَرَّ على حماره بين يدي بعض الصَّفِّ والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس، فلم يُنكر ذلك عليه أحد، لا النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد ممن صَلَّى خلفه، وبهذا استدلَّ البخاري وغيره من العلماء على أنَّ سُترة الإمام سترة لمن خلفه؛ لأنَّ سترة الإمام إذا كَانَتْ محفوظة كفى ذَلِكَ المأمومين، ولم يضرهم مرور من مَرَّ بَيْن أيديهم؛ ولذلك لا يُشرع للمأمومين اتخاذ سترة لهم وهم خلف الإمام. (٣)
وقال الحافظ ابن حجر: وهذا الحديث ليس فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى إلى سُترة، وكأنَّ البخاري حَمَل الأمر في ذلك على المألوف المعروف من عادته - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كان لا يُصلِّي في الفضاء إلا والعنزة أمامه، ثم أيَّد ذلك - أي البخاري - بحديثيْ ابن عُمر (٤)، وأبي جُحَيْفة (٥)، وفي حديث ابن عمر ما يدل على المداومة، وهو قوله بعد ذكر الحربة "كان يفعل ذلك في السفر". (٦)
قال ابن رجب: وحديث ابن عُمر، وأبي جُحَيْفة يدلَّان على أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلِّي في أسفاره إلى عنزة تستره ممَّن يمرُّ بين يديه، وهذا مِمَّا يُضَعِّف حمل الأثر لصلاته - صلى الله عليه وسلم - بمِنى أو عرفة إلى غير سترة على تعذر