بجزء منه، ولهذا تقول: رأيتُ زيداً، إذا رأيتَ وجهه من [زاوية](١) أو من وراء ستر.
فإن قيل: ظاهر الفم والأنف من الوجه ونحن نوجب غسل ذلك، فأما باطنهما فلا؛ لأن الوجه مأخوذ مما تقع به المواجهة، وإنما تقع المواجهة بظاهرهما دون باطنهما.
قلنا: بل الوجه عبارة عن جملة هذا العضو ظاهراً وباطناً بدليل قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ﴾ (٢) أي: خضعت وذلت، والخضوع أليق بالباطن من الظاهر.
ويدل عليه: أنه يُعبَّر بالوجه عن الكل، قال الله ـ تعالى ـ: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ﴾ (٣) أي: ذاته تعالى، وكذا قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ *﴾ (٤) أي: ويبقى ربك ﷾.
ولهذا عقل الرسول من كتاب الله المنزل ذلك، فكل من وصف وضوءه من عثمان (٥)، وعلي، وعبد الله بن زيد (٦)، وابن عباس ﵃ روى أنه كان يتمضمض، ويستنشق، ويغسل وجهه (٧).
(١) ما بين المعكوفين في الأصل كلمة غير مقروءة، رسمت هكذا (روريه) ـ بدون نقطتين على الحرف الرابع ـ، ولعل ما أثبته هو الأقرب لرسم المخطوط، وهو موافق للمعنى المراد. (٢) طه: ١١١. (٣) القَصَص: ٨٨. (٤) الرَّحمن: ٢٧. (٥) أبو عبد الله، عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، أمير المؤمنين، ذو النورين، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين، وكان غنياً شريفاً في الجاهلية والإسلام، ومن أعظم أعماله في الإسلام: تجهيزه نصف جيش العسرة بماله، توفي سنة ٣٥ هـ. [ينظر: أسد الغابة ٣/ ٥٧٨، الإصابة ٤/ ٣٧٧]. (٦) عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن الأنصاري المازني، أبو محمد، اختلف في شهوده بدراً، وشهد أُحداً وغيرها، وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب فيما ذكر خليفة ابن خياط وغيره، قُتل يوم الحرة سنة ٦٣ هـ. [ينظر: الاستيعاب ٣/ ٩١٣، أسد الغابة ٣/ ١٤٦، الإصابة ٤/ ٨٥]. (٧) حديث عثمان: أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب المضمضة في الوضوء ١/ ٤٤، ح ١٦٤، ومسلم، كتاب الطهارة ١/ ٢٠٤، ح ٢٢٦ من طريق حمران مولى عثمان بن عفان =