للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الشافعي: لا ينفسخ (١).

لنا:

أن كل عين جاز لرب المال شراؤها جاز للمضارب شراؤها، دليله: سائر الأموال، وهذا لأن أرباب [ربّ] (٢) المال مال متقوم قابل للعقود، فصح عقد المضاربة عليه كالأصل سواء.

فإن قيل: ليس كل ما جاز لرب المال ابتياعه جاز للمضارب؛ بدليل الابتياع بأكبر من ثمن المثل والمحاباة يجوز لرب المال، ولا يجوز للمضارب؛ وهذا لأن رب المال ليس تصرفه مقصوراً على ما هو الأحظ، والمضارب تصرفه مقصور على ما فيه طلب الحظ.

قلنا: إنما لم يجز للمضارب ذلك؛ لأنه تصرف يتلف فيه المال من غير عوض، إذا بذل ما زاد على الثمن لا يقابله شيء، والمضارب إنما جَعَلَ له حظّاً من الربح لتنمية المال وتثميره، لا لخسرانه وتنقيصه وتبذيره، وفي مسألتنا قابله حظ يصح المعاوضة عليه، ويقصد مثله في الأعواض، وهو صلة الرحم، ومجازاة الأب التي وضعها الشرع.

فإن قيل: المعنى في الأصل أنه يحصل بابتياعها المقصود، وهو حفظ المالية وحصول الربح، وليس كذلك في القريب؛ لأنه تفويت، وفيه ضرر؛ لأنه إتلاف للثمن بحصول العتق بالرحم، وما دخل رب المال في هذا العقد لتحصيل المكارم، والمجازاة عن الحقوق، إنما دخل فيه طلباً للأرباح، وثمن المال له.

/ قلنا: لا نمنع أن يكون وقوعه على وجه فيه ضرر، كما قلتم في شراء الزوج لزوجته فيه ضرر عليها، وهو فسخ نكاحها، ولربما كان أوفى من عتق غيرها، وكذلك شراء المكاتب أبا سيده، أو ابنه؛ فإن فيه ضرراً،


(١) ينظر: تحفة المحتاج ٦/ ٩٥، الغرر البهيّة ٣/ ٢٨٧.
(٢) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، وما أثبته هو الموافق للسياق.

<<  <   >  >>