للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو حنيفة في المسألة الأوّلة كقول الشافعي، وفي الفلعة والجرزة كقولنا (١).

الأوّلة:

حديث جابر: أنه كان يسير على جمل قد أعيا، وأراد أن يسيبه قال: فلحقني رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ، فضربه ودعا لي؛ فسار سيراً/ لم يَسِرْ مثلَه، ثم قال: «بِعْنِيه بوُقيّة» قلت: لا، ثم قال: «بِعْنِيه بِوُقيّة»، فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما قدمت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم انصرفت، فأرسل في إثري فقال: «أتُراني إنما ماكسْتُكَ جملَك ودراهِمك، خُذْهما فهما لك». وفي لفظ آخر قال: غزوت مع رسول الله ـ صلَّى الله عليه ـ على ناضح لي، فأزحف الجمل، فتأخرت، فزجره النبي من خلفه؛ فانبسط حتى كان أمام الجيش، فقال النبي ـ صلَّى الله عليه ـ: «يا جابرُ، ما أرى جملَك إلا قد انْبَسَطَ» قلت: ببركتك يا رسول الله، قال: «بِعْنِيه ولكَ ظَهْرُه حتى تقْدم»، فبعته، وذكره، وهو حديث صحيح مشهور متفق على صحته، أخرج هذين اللفظين البخاري ومسلم في «صحيحيهما» (٢)، وقد نص في البيع واستثنى منفعته إلى المدينة.

فإن قيل: هذا الخبر غير مضبوط؛ لأنه قد روي فيه أنه قال: «بِعْنِيه» ثم قال: «قد أخذْتُه بأربعة دنانير ولك ظهرُه إلى المدينة» (٣)، وفي لفظ آخر قال: «أتبِيعُ نَاضِحَك بدينار، والله يغْفِرُ لك» قلت: يا رسول الله، هو ناضحكم إذا أتيت المدينة، فقال: «أتبِيعُني بدينارين، والله يغفر لك» قال:


(١) ينظر: المبسوط ١٣/ ١٤ ـ ١٨، بدائع الصنائع ٥/ ١٦٩، ١٧٢.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز ٣/ ١٨٩، ح ٢٧١٨، ومسلم، كتاب الطلاق، باب بيع البعير واستثناء ركوبه ٣/ ١٢٢١، ح ٧١٥ واللفظ له.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الوكالة، باب إذا وكل رجل رجلاً أن يعطي شيئاً، ولم يبين كم يعطي فأعطى على ما يتعارفه الناس ٣/ ١٠٠، ح ٢٣٠٩.

<<  <   >  >>