للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنا:

قوله ـ تعالى ـ: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (١)، فمن الآية دليلان:

أحدهما: أن هذا أكل بالباطل؛ لأنه إذا استرسل إليه وهو لا يعرف فباعه ما يساوي درهماً بحبة، فقد أخذ ماله بالباطل، وغشه وكده.

وقال : «من غشَّنا فليس منّا» (٢).

والثاني: أنه ما رضي بهذه التجارة؛ لأنه إنما يتجر ليربح، فأما ليذهب ماله فلا.

فإن قيل: فقد قال: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ (٣)، وهذ بيع.

قلنا: نعم، يباح البيع ما كان المتبايعان رضيا به وعلماه، فأما مع الجهل وعدم الرضا إذا علم فليس بحلال، فله إبطاله.

فإن قيل: فيجب أن يقع باطلاً.

قلنا: لا يقع باطلاً لرضاه به، والأموال مما تستباح بالإباحة، فأما إذا سخط وبان أنه غره وخدعه، قلنا: لك إبطاله.

و ـ أيضاً ـ قوله : «لا ضرر ولا إضرار» (٤)، وهذا ضرر؛


(١) النِّساء: ٢٩.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، ١/ ٩٩، ح ١٠١.
(٣) البَقَرَة: ٢٧٥.
(٤) أخرجه الطبراني في الأوسط ١/ ٩٠، ح ٢٦٨ من حديث عائشة ، والدارقطني، كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري، باب في المرأة تقتل إذا ارتدت ٥/ ٤٠٧، ح ٤٥٤٠ من حديث ابن عباس ، و ح ٤٥٤١ من حديث أبي سعيد الخدري ، وقال ابن رجب: أن بعض طُرقه تقوى ببعض، وقال ـ أيضاً ـ: قال أبو عمرو بن الصلاح: هذا الحديث أسنده الدارقطني من وجوه، ومجموعها يقوي الحديث ويحسنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم، واحتجوا به، وقول أبي داود: إنه من الأحاديث التي يدور الفقه عليها يشعر بكونه غير ضعيف، والله أعلم. [ينظر: جامع العلوم والحكم ٢/ ٢١٠].

<<  <   >  >>