للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أنَّ الذي لا يثق النبي ـ صلَّى الله عليه ـ بإسلامه فليس بمسلمٍ حقّاً، فقد بان بهذه التفاسير والأخبار أنه قصد به المصلحة، وذلك يحتاج إليه في دوام الإسلام واستدامته، كما يحتاج إليه في ابتدائه.

فإن قيل: هذه الآية منسوخة، بدليل قول النبي : «لا تحل الصدقة إلا لخمسةٍ؛ لعاملٍ عليها، أو رجلٍ اشتراها بماله، أو غارمٍ، أو غازٍ في سبيل الله، أو مسكين تصدق/ فأهدى منها لغنيٍّ» (١). والمؤلفة قلوبهم ليس هم من هذه الأقسام الخمسة.

قلنا: هذا من أخبار الآحاد، وأخبار الآحاد لا ينسخ بها القرآن.

الثاني: أنه قد جعل المستحق لأخذ الصدقة هؤلاء الخمسة، ولم يذكر ابن السبيل، ولا الرقاب، وإن لم يكن منسوخاً.

فإن قيل: فقد روي عن جابر (٢)، [عن] (٣) عامر قال: كانت المؤلفة قلوبهم على عهد النبي ـ صلَّى الله عليه ـ، فلما ولِي أبو بكر انقطعت الرُّشَا (٤) (٥).

وفي كتاب محمد بن الحسن (٦)، قلت: أرأيت قوله: ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ (٧)،


(١) أخرجه ابن ماجه، كتاب الزكاة، باب من تحل له الصدقة ١/ ٥٩٠، ح ١٨٤١، وأبو داود، كتاب الزكاة، باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني ٢/ ١١٩، ح ١٦٣٦ من طريق معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن الجوزي: إسناده ثقات. وقال النووي: حديث حسن أو صحيح، وإسناده جيد. [ينظر: المستدرك ١/ ٥٦٦، التحقيق ٢/ ٦٢].
(٢) جابر بن يزيد بن الحارث، الجعفي، أبو عبد الله، الكوفي، ضعيف، رافضي. مات سنة ١٢٧ هـ، وقيل غير ذلك. [ينظر: التقريب ص ١٣٧].
(٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (بن)، وما أثبته هو الصحيح نقلاً من مصادر التخريج.
(٤) الرُّشا: جمع رشوة، بضم الراء، وكسرها. [ينظر: تهذيب اللغة ١١/ ٢٧٩].
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة، كتاب الزكاة، باب في المؤلفة قلوبهم يوجدون اليوم أو ذهبوا ٢/ ٤٣٥، ح ١٠٧٥٩، والطبري في التفسير ١١/ ٥٢٢ من طريق إسرائيل، عن جابر.
(٦) كتاب: (الأصل)، المعروف بـ (المبسوط)، لمحمد بن الحسن الشيباني، أوسع كتب مسائل الأصول، أو ما تسمى ظاهر الرواية عند الأحناف، وأكثرها فروعا وأبسطها عبارة، فلذلك كان هو عمدة المذهب الحنفي.
(٧) التّوبَة: ٦٠.

<<  <   >  >>