من أن المقصود العبادة لا وقتها، ألا ترى أن السفر لما أسقط شطر العصر والظهر، [أسقط تحتم](١) وقتها حتى جاز أن يقدم العصر إلى الظهر، ويقدم الظهر إلى العصر، فكذلك في مسألتنا.
وأما قولهم: صلاة مفروضة، فلم يجز فعلها قبل وقتها كسائر الصلوات.
قلنا: قد بينا أن قبل الزوال وقت لوجوبها في إحدى الروايتين (٢)، فسقط، ولو سلمنا على الأخرى فيلزم تقديم العصر في السفر، وبعرفة، يجوز ذلك وليست تابعة، بل هي أصل بنفسها، وإنما جاز ذلك لعذر الدعاء والسفر، ويجوز في مسألتنا لما بينا من العذر، وإليه أشار ابن مسعود بقوله: إنما عجلت لكم [خيفة](٣) الحرّ عليكم (٤).
وأما قولهم: بأنها صلاة يخرج وقتها إذا صار ظل الشيء مثله، فلم يجز فعلها قبل الزوال كالظهر.
قلنا: ولِمَ إذا خرج وقتها بحصول الظل مثله لا يجوز فعلها قبل الزوال؟ ولا نسلم أن علة الظهر هذا.
ثم إنه غير ممتنع أن تتفق العبادتان في الانتهاء، وتختلف في الابتداء كصلاة العصر، مع الصوم يتفقان في خروج وقتهما بغروب الشمس، ويختلفان/ في الابتداء؛ فيجب الصوم بطلوع الفجر، ويجب العصر بخروج وقت الظهر، والله أعلم.
(١) ما بين المعكوفين في الأصل: (يتحتم)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٢) سبق توثيقهما في صدر المسألة. (٣) ما بين المعكوفين في الأصل: (خفية)، وما أثبته هو الموافق للسياق. (٤) تقدم تخريجه.