للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: "تارك الصلاة عمدًا لا يشرع له قضاؤها، ولا تصحُّ منه، بل يكثر من التطوُّع، وكذا الصوم، وهو قول طائفة من السَّلف؛ كأبي عبد الرحمن صاحب الشافعي، وداود وأتباعه، وليس في الأدلة ما يُخالف هذا بل يوافقه". (١)

وقال ابن رجب: "المعذور إنَّما أمره بالقضاء؛ لأنَّه جعل قضاءه كفَّارة له، والعامد ليس القضاء كفَّارة له؛ فإنه عاصٍ تلزمه التوبة من ذنبه بالاتِّفاق … والعامد لم يأتِ نصٌّ بأن القضاء كفَّارة له، بل ولا يدل عليه النظر؛ لأنَّه عاصٍ آثم يَحتاج إلى توبة، كقاتل العمد، وحالف اليمين الغموس … وقد نص الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: على أن المصلي لغير الوقت كالتارك للصلاة في استتابته وقتله، فكيف يؤمر بفعل صلاة حكمها حكم ترك الصلاة؟ … ولا يُعرف عن أحد من الصَّحابة في وجوب القضاء على العامد شيء، بل ولم أجد صريحًا عن التابعين-أيضًا-فيه شيئًا، إلا عن النخعي، وقد وردت آثارٌ كثيرة عن السَّلف في تارك الصلاة عمدًا أنَّه لا تقبل منه صلاة، كما رُوي عن الصديق ". (٢)

قال ابن القيِّم في مقرِّرًا لهذه المسألة: "ما وقته أوسع من فعله كالصلاة فِعْلُه في وَقْته شرطٌ في كَوْنه عبادة مأمورًا بها، فإنَّه إنَّما أمر به على هذه الصِّفة، فلا تكون عبادة على غيرها … فما أَمَر الله به في الوقت، فتَرْكُه


(١) "الاختيارات" (ص: ٣٤).
(٢) "فتح الباري" (٥/ ١٣٣ - ١٣٩).

<<  <   >  >>