للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المأمورَ حتَّى فات وقته لم يُمكن فعله بعدَ الوقت شرعًا؛ ولهذا لا يُمكن فعل الجُمُعة بعد خروج وَقْتها، ولا الوقوف بعرفة بعد وقته … ولا مشروع إلاَّ ما شرعه الله ورسوله، وهو سبحانه ما شرع فِعْلَ الصلاة والصِّيام والحج إلاَّ في أوقات مُختصة به، فإذا فاتت تلك الأوقات لم تكن مشروعة، ولم يشرع الله سبحانه فعل الجمعة يوم السبت، ولا الوقوف بعرفة في اليوم العاشر، ولا الحج في غير أشهره.

ومن أخَّر صلاة النهار، فصلاَّها بالليل أو صلاة الليل، فصلاَّها بالنَّهار، فهذا الذي فعله غير الذي أمر به وغير ما شرعه الله ورسوله، فلا يكون صحيحًا ولا مقبولاً …

والله سبحانه قد جعل لكلِّ صلاة وقتًا محدودَ الأول والآخر، ولم يأذن في فعلها قبل دخول وقتها، ولا بعد خُرُوج وقتها، والمفعول قبل الوقت وبعده أمرٌ غير المشروع، فلو كان الوقت ليس شرطًا في صِحَّتها، لكان لا فرق في الصِّحة بين فعلها قبل الوقت وبعده؛ لأنَّ كلتا الصَّلاتين صلاَّها في غير وقتها، فكيف قبلت من هذا المفرِّط بالتفويت، ولم تقبل من المفرط بالتعجيل؟!

وقد أمر الله سبحانه المسلمين حال مواجهة عدوِّهم أن يصلوا صلاةَ الخوف، فيقصروا من أركانها، ويفعلوا فيها الأفعالَ الكثيرة، ويستدبروا فيها القبلة، ويسلمون قبل الإمام، بل يصلُّون رجالاً وركبانًا، حتَّى لو لم يُمكنهم إلا الإيماء، أَتَوا بها على دوابِّهم إلى غير القبلة في وقتها، ولو قبلت منهم في غير وقتها وصحَّت، لجاز لهم تأخيرها إلى وقت الأمن وإمكان الإتيان بها، وهذا

<<  <   >  >>