للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل حتى لو اتصل العمل في مسألة، فإن له الانتقال لمذهب الغير، كما أفاده العطار، وقال: ودعوى الإنفاق عليه ممنوعة ففي الخادم أن الإمام الطرطوشي حكى أنه أقيمت صلاة الجمعة وهم القاضي أبو الطيب الطبري بالتكبير فإذا طائر قد ذرق عليه فقال أنا حنبلي، ثم أحرم بالصلاة ومعلوم أن الشيخ شافعي يتجنب الصلاة بذرق الطائر فلم يمنعه عمله السابق بمذهب الشافعي ففي ذلك تقليد المخالف عند الحاجة إليه وفي الخادم أيضًا أن القاضي أبا عاصم العامري الحنفي كان يفتي على باب مسجد القفال والمؤذن يؤذن المغرب فترك ودخل المسجد فلما رآه القفال أمر المؤذن أن يثني الإقامة وقدم القاضي فتقدم وجهر بالبسملة مع القراءة وأتى بشعار الشافعية في صلاته، ومعلوم أن القاضي أبا عاصم إنما يصلي قبل بشعار مذهبه فلم يمنعه سبق عمله بمذهبه في ذلك أيضًا قال السمهودي، ثم رأيت في فتاوى السبكي أنه سئل عن ذلك في ضمن مسائل إلى أن قال ودعوى الاتفاق فيها نظر (١).

ونقل الدسوقي عن بعض المالكية: "أن الصحيح جواز تتبع الرخص، بمعنى تتبع كل سهل لرفع المشقة " (٢).

وأدلة هذه القول كثيرة من الكتاب، والسنة فمنها جميع ما تقدم من أدلة التيسير ورفع الحرج الواردة في القرآن والسنة، وقد تقدمت.

ومن هدي الصحابة: عن عمير بن إسحاق قال: أدركت من أصحاب رسول الله أكثر ممن سبقني منهم، فلم أر قومًا أهون سيرة، ولا أقل تشديدًا منهم (٣). وسنده حسن.


(١) حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٤٤١).
(٢) حاشية الدسوقي، (١/ ٢٥) والصحيح هنا عن بعضهم وليس عن المذهب.
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (٢٠/ ٦٥ ت الشثري).

<<  <   >  >>