للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس قاعدة: الأصل في الأعيان الطهارة]

المسألة الأولى: معنى هذه القاعدة.

الأعيان هي الأشياء، ومعناها أن كل شيء خلقه الله الأصل فيه الطهارة، ولا يزحزح عن هذا الأصل إلا بدليل من الشرع.

قال الشوكاني: اعلم أن كون الأصل الطهارة معلوم من كليات الشريعة المطهرة وجزئياتها، ولا ريب أن الحكم بنجاسة شيء يستلزم تكليف العباد بحكم والأصل البراءة من ذلك ولاسيما من الأمور التي تعم بها البلوى، وقد أرشدنا رسول الله إلى السكوت عن الأمور التي سكت الله عنها وأنها عفو فما لم يرد فيه شيء من الأدلة الدالة على نجاسته فليس لأحد من عباد الله أن يحكم بنجاسته بمجرد رأى فاسد، أو غلظ في الاستدلال، كما يدعيه بعض أهل العلم من نجاسة ما حرمه الله، زاعمًا أن النجاسة والتحريم متلازمان، وهذا الزعم من أبطل الباطلات، فالتحريم للشيء لا يدل على نجاسته بمطابقة، ولا تضمن، ولا التزام فتحريم الخمر والميتة والدم لا يدل على نجاسة ذلك وكأن الشارع قد علم وقوع مثل هذا الغلط لبعض أمته فأرشدهم إلى ما يدفعه قائلًا "إنما حرم من الميتة أكلها"، ولو كان مجرد تحريم شيء مستلزما لنجاسته لكان قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] إلى آخره دليلًا على نجاسة النساء

<<  <   >  >>