للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثانيا: مقصود الحيل وأثره في الحكم.]

الحيل لها مقصدان إما أن يكون المقصود بها دلالة المكلف على وجه شرعي جائز يشكل مخرجا له في واقعة ما.

وإما أن يكون المقصود بالحيل التلاعب بالشرع وإبطاله. وعلى هذين المقصدين تنقسم الحيل إلى نوعين:

[النوع الأول: الحيل الجائزة.]

وهذا النوع هو ما وافق مقصود الشرع ويسر على المكلف بوجه شرعي معتبر، فهذا جائز؛ لأنه وافق قاعدة الشرع في التيسير ورفع الحرج ودفع المشقات.

ودليله: ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً، ولا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٩٨].

وقوله تعالى: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ، ولا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ٤٤].

وهذا ترخيص بين نبّهَ فيه على العلة ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ﴾ [سورة ص: ٤٤].

وهو تنبيه على أن الحيل ينظر فيها لحال المكلف فإن أيوب ما كان ليخالف الشرع، ولا مقصوده، فلما رخص الله له علمنا أن كل من كان مقصده من الحيلة الانسلاخ عن التكليف والتهرب منه ومخالفة الشرع فهذا لا يشرع أن يجد له العالم مخرجًا شرعيًا.

وأما عكسه فيجوز. وهذه الرخصة التي لأيوب باقية (١) وإليه ذهب الشافعي، وقال مجاهد: "إنه عام للناس وقيل لعطاء هل يعمل بهذا


(١) تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (٢٦/ ٣٩٩).

<<  <   >  >>