للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣: ما يوصل إلى الضرر والمفسدة كثيرا، لكن لا على وجه الأغلب والأكثر، وهذا اعتمده مالك وعليه بنى مذهبه في بيوع الآجال (١).

٤: ما يوصل إلى المفسدة نادرا فهذا غير مؤثر فهو متفق على حله.

الحالة الرابعة: وإما أن يكون مخطئًا ومثاله الذي قال "أنت عبدي وأنا ربك"، فهذا أخطأ من شدة الفرح فلا إثم عليه ومثله من أراد الماء فسبقه لسانه خطأ فقال أنت طالق، ولا يقصد ذلك البتة، ولا تدل له قرينة.

ويأتي هنا النسيان والنوم وزوال العقل.

وكذلك يأتي هنا الخطأ بسبب الجهل باللغة والعرف فمن طلق، ولا يعلم أنه طلاق لعدم عمله باللغة التي نطق بها فلا عبرة بطلاقه.

الحالة الخامسة: أن يكون مكرها، أو مضطرا فهذا له أحكامه وسنذكرها في محلها؛ لأن الاضطرار له أحكام استثنائية تحكمه قاعدة ارتكاب المفسدة الصغرى لدرء الكبرى لذلك أحل الله أكل الميتة للمضطر ونطق كلمة الكفر للمكره إكراهًا ملجئًا، فصار فعله في الصورة الأولى واجبًا وفي الثانية مشروعًا. ولم يعد من باب الحرام في هذا الظرف. ومثله الكذب للإصلاح ولدفع مفسدة القتل عن مظلوم وغير ذلك. فهي باب كلها من باب الضرورة الاستثنائية ولها أحكام خاصة تدخل تحت نصوص أخرى وقواعد مستقلة حاكمة لهذه الحالات.

[المسألة الثانية: التطبيقات المعاصرة.]

١ - عامل مسلم يعمل في مزرعة عنب تابعة لمصنع خمر في إحدى الدول الأوربية عمله محرم؛ لأن تصرفه الظاهر المباح آل إلى المحرم قطعا وهذه الصورة ليست كصورة بيع العنب لمن يتخذه خمرا والسلاح


(١) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٣/ ١٦٠).

<<  <   >  >>