للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية؛ لأنه يشكل ردعًا لأي عدوان من الكافرين على أهل الإسلام وحكم صناعته الوجوب.

فهنا تساوت المصالح والمفاسد فيقدم دفع المفاسد.

وقد ذكرنا هذا المثال في تعارض المفاسد في الرتبة والنوع فيرجح بالقلة والكثرة.

٣ - وقد ذكر ابن قدامة مثالا على ذلك:

فصل: فإذا ألقى الكفار نارا فى سفينة فيها مسلمون، فاشتعلت فيها، فما غلب على ظنهم السلامة فيه، من بقائهم فى مركبهم، أو إلقاء نفوسهم فى الماء، فالأولى لهم فعله، وإن استوى عندهم الأمران، فقال أحمد: كيف شاء يصنع. قال الأوزاعى: هما موتتان، فاختر أيسرهما. وقال أبو الخطاب: فيه رواية أخرى، أنهم يلزمهم المقام؛ لأنهم إذا رموا نفوسهم فى الماء، كان موتهم بفعلهم، وإن أقاموا فموتهم بفعل غيرهم» (١).

٣ - زراعة الألغام يمكن أن تتساوى مفاسده ومصالحه ويمكن أن تترجح المصالح إن كان في موضع لا يتأذى منه المدنيون، ولا الحيوان، بل أهل الحرب فقط.

وعلى كل حال تجري هنا قاعدة دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح.

وذلك حين تكون المفسدة أعظم فالواجب درء المفاسد، وعليه ينزل كلام الفقهاء في قاعدة دفع المفاسد أولى من جلب المصالح.

ودليلها قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: ٢١٩].

فألغى المنافع التجارية الحاصلة من الخمر؛ لأن المفاسد المترتبة أكبر.


(١) المغني لابن قدامة (١٣/ ١٩٠ ت التركي).

<<  <   >  >>