للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن نجيم: لأن اعتناء الشرع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، ولذا قال : ﴿إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه﴾ (١)

قال المرداوي: ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح، ودفع أعلاها بأدناها .. إذا دار الأمر بين درء مفسدة وجلب مصلحة، كان درء المفسدة أولى من جلب المصلحة، قاله العلماء. (٢)

فتحصل أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح حال التساوي، أو حال رجحان المفاسد.

أما إن رجحت المصالح فجلب المصالح مقدم. والترجيح خاض لما تقدم من القواعد والمراحل الست.


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٧٨).
(٢) التحبير شرح التحرير (٨/ ٣٨٥١). وقد رأى الطوفي عند التساوي التخيير، شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٢١٤). اعلم أن هؤلاء الذين قسموا المصلحة إلى معتبرة، وملغاة ومرسلة ضرورية، وغير ضرورية تعسفوا وتكلفوا، والطريق إلى معرفة حكم المصالح أعم من هذا وأقرب، وذلك بأن نقول: قد ثبت مراعاة الشرع للمصلحة والمفسدة بالجملة إجماعا، وحينئذ نقول:
الفعل إن تضمن مصلحة مجردة، حصلناها، وإن تضمن مفسدة مجردة، نفيناها، وإن تضمن مصلحة من وجه ومفسدة من وجه، فإن استوى في نظرنا تحصيل المصلحة، ودفع المفسدة، توقفنا على المرجح، أو خيرنا بينهما كما قيل في من لم يجد من السترة إلا ما يكفي أحد فرجيه فقط. هل يستر الدبر؛ لأنه مكشوفا أفحش، أو القبل؛ لاستقباله به القبلة؟ أو يتخير لتعارض المصلحتين والمفسدتين؟، وإن لم يستو ذلك، بل ترجح أحد الأمرين تحصيل المصلحة أو دفع المفسدة، فعلناه؛ لأن العمل بالراجح متعين شرعا، وعلى هذه القاعدة يتخرج كل ما ذكروه في تفصيلهم المصلحة».

<<  <   >  >>