في هذه الآية: فَضْلُ المجاهِدِينَ على القاعِدِينَ غيرِ المعذورِينَ؛ ولذا قال: ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾؛ لأن الآيةَ نزَلَت في بَدْرٍ؛ كما رواهُ البخاريُّ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ (٢)، وكان النفِيرُ لبَذرٍ فرضَ عينِ على مَن وجَدَ ظهرًا لإدراكِ قافلةِ قريشٍ؛ لأنَّ النبي ﷺ استَنْفَر أصحابَ الظهُورِ مِن أصحابِه، لا كلَّهم، فتعين على مَنِ استنفِرَ.
ولمَّا استيقَنَ أبو سفيانَ خروجَ النبي ﷺ إليه، استنفَرَ قومَهُ بمكِّةَ، فلحِقَهُ نحو ألف رجُلٍ، وقطَعَ النبي ﷺ بقَتالِهم؛ لأنهم أرادُوهُ، وربَّما لو لم يقاتِل مدَدَ قريشٍ، لَلَحِقوهُ إلى المدينة، فكان على مَن كان مع النبي ﷺ بعدَ قطعِهِ متعيِّنًا أن يُقاتِلَهم؛ لأنه دفعٌ لصائلةِ المشرِكِينَ التي ستتبَعُ الصحابةَ إلى المدينة، فاللهُ أعلَمَ نبيهُ بخروجِ فِرقةٍ مِن قريشٍ لنُضرةِ أبي سُفْيانَ؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ
(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ١٠٤٢). (٢) أخرجه البخاري (٣٩٥٤) (٥/ ٧٣).