والكافرُ الأصليُّ الناشئُ على كفرِهِ أهوَنُ في دخولِهِ للإسلامِ ممَّن كان كافرًا ثمَّ أسلَمَ ثمَّ كفَرَ، وكلَّما زاد تحوُّلُهُ، ضعُفَ رجاءُ عَوْدَتِه، ولو عاد، لم يَرجعْ كسابِقِ أمرِه؛ ولهذا لا يُشرَعُ توليةُ المُرتَدِّ بعدَ إسلامِهِ ثمَّ تاب بعدَ ذلك، ولا توليةُ المُنتكِسِ عن الحقِّ البيِّنِ المُتحوِّلِ مِن السُّنَّةِ إلى البدعة، ومِن البدعةِ رجَعَ إلى السُّنَّة، مع قَبُولِ الحقِّ منه، وله ما للمُسلِمنَ وعليه ما عليهم، ولا يُنفَّرُ مِن الحقِّ، ولا يُعيَّرُ بكُفْرِهِ السابقِ أو بدعتِه؛ بل يُتألَّفُ قَلْبُه، لكنْ لا يُصدَّرُ ولا يُوَلَّى ولايةً؛ حتى لا يكونَ رأسًا يَتْبَعُهُ الناسُ فيَرجِعَ إلى ضلالِهِ مرةً أُخرى فيَتأثَّرَ به الناسُ وَيشْمَتَ بالأُمَّةِ أعداؤُها.
ومَن سَبَرَ حالَ النبيَّ ﷺ وخلفائِه، وجَدَ أنَّهم لا يُوَلُّونَ أحدًا له سابقةٌ في رِدَّةٍ، أو تحوَّلَ مِن السُّنَّةِ إلى البدعةِ ثمَّ رجَعَ؛ لأنَّه لا يُؤمَنُ مِن رجوعِهِ إلى مِثْلِها وكثرةِ تحوُّلِه.