إلا بإعادةِ رأسِ مالِه، ولو كان عندَ حاكمٍ ظالمٍ يَحبسُهُ حتى يَقْضِيَ رِبَاهُ، جاز له بِنِيَّةِ الخلاصِ من الشرِّ ودفعِ السوءِ, ولا يجوزُ قضاؤُهُ إلا عندَ تحقُّقِ السجنِ أو التهديدِ به مِن قادِرٍ عليه.
وهذا تغليظٌ في أمرِ الرِّبا وتشديدٌ فيهِ؛ فآكِلُ الرِّبا يُبعَثُ كالمجنونِ ليس له حِيلَةٌ في نفسِهِ؛ فكيفَ بغَيْرِه؟ ! في وقتِ هولٍ وكربٍ يُنادَى لحربِ اللهِ؛ كما روى الطَّبَريُّ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عنِ ابنِ عباسٍ:"يُقالُ يومَ القيامةِ لآكِلِ الرِّبا: خُذْ سِلَاحَكَ لِلحَرْبِ"(١).
واللهُ تعالى لم يذكُرْ حَرْبَه لأحدٍ في الوَحْي إلا في ثلاثةِ مواضعَ: للمُشْرِكِ، وللمُرَابِي كما هنا، ولمَنْ عادَى وَليَّهُ؛ كما في الحديثِ القُدُسيِّ:(مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا، فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ)(٢).
بيَّن اللهُ في الآياتِ السالفةِ رِبَا الجاهليَّةِ، وعظَّم أمرَهُ، ورِبَاهُمْ كان بالزِّيادةِ في الأجلِ والإنظارِ فيهِ، ويقابِلُها زيادةٌ في القضاءِ، فلا يُنظِرُونَ معسِرًا في الأجلِ إلا بزيادةٍ عليه، فيتضاعَفُ الرِّبا، ويتعاظَمُ على
(١) "تفسير الطبري" (٥/ ٥٢)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٢/ ٥٥٠). (٢) أخرجه البخاري (٦٥٠٢) (٨/ ١٠٥).