وتشبيهُ اللهِ الوطءَ بالحرثِ، والمرأةَ بالأرضِ، والولدَ بالزرعِ: لا يُؤخَذُ منه النهيُ عن مباشرةِ الرجلِ لزوجتِه في فَخِذَيْها وغيرِ ذلك منها ولو أَنْزَلَ؛ لأنَّ الصحابةَ والتابعينَ لم يَرِدْ عنهم خلافٌ في هذا، ولو كان ذلك في غيرِ موضعِ الزَّرْعِ، فكما أنَّه يجوزُ له العَزْلُ وعدَمُ طلبِ الولدِ، فكذلك يجوزُ له الإنزالُ في غيرِ الفَرْجِ مِن غيرِ إيلاجٍ.
وأمَّا المنعُ مِن إتيانِ المرأةِ في دُبُرِها، فلأدلةٍ؛ منها: أنَّه ليس بموضعِ زرعٍ، وليس هذا دليلًا منفردًا في الباب لِيَضْعُفَ مقابِلَهُ القولُ بجوازِ المباشَرةِ والإنزالِ في غيرِ القبُلِ؛ بجامِعِ أنَّ كلَّ واحدٍ منهما غيرُ موضعِ زرعِ؛ لأنَّ المباشَرةَ مع الإنزالِ في غيرِ الفرجِ لا يختلِفونَ فيها، فقد قال لَيْثٌ:"تَذَاكَرْنَا عِنْدَ مُجَاهِدٍ الرَّجُلَ يُلَاعِبُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: اطْعُنْ بِذَكَرِكَ حَيْثُمَا شِئْتَ فِيمَا بَيْنَ الفَخِذَيْنِ وَالأَلْيَتَيْنِ وَالسُّرَّةِ، مَا لم يَكُنْ فِي الدُّبُرِ أَوِ الحَيْضِ"؛ رواهُ ابنُ جريرٍ (٤).