وقال الشافعيُّ:"إذا التجَأَ المجرِمُ المسلِمُ إلى المسجدِ الحرامِ يضيَّقُ عليه حتَّى يخرُجَ، فإن لم يخرُجْ، جازَ قتلُه"(١).
وقال قتادةُ:"إِنْ سَرَقَ فيه أَحَدٌ قُطِعَ، وَإِنْ قَتَلَ فِيهِ أَحَدٌ قُتِلَ، وَلَوْ قُدِرَ عَلَى المُشْرِكِينَ فِيهِ قُتِلُوا"(٢).
ومَن رُوِيَ عنه مِن السلفِ عدَمُ إقامةِ الحدِّ في الحرَمِ، فلا يَظهَرُ أنَّ مرادَهُ إسقاطُ الحدودِ على مَنْ لاذَ بمكَّةَ؛ وإنَّما مرادُهُ أنَّ مَن أصابَ حدًّا في غيرِها ولاذَ بِها: يُخرَجُ مِن الحَرَمِ؛ لِيُقَامَ الحدُّ عليهِ في خارجِه.
والقولُ بعدَمِ إقامةِ الحدودِ في الحرَمِ بحالٍ، وتحريمِ اللائِذِ ولو أصابَ حدًّا فلا يُخرَجُ منه ليُقامَ عليه الحَدُّ في غيرِه: قولٌ لا يعوَّلُ عليه؛ لأنَّ الحقوقَ إنَّما هي لحفظِ حُرْمةِ الناسِ ودمائِهم، ودماؤُهم أعظَمُ مِن حُرْمةِ البيتِ؛ فلا يُسقِطُ الأدنى الأعلى.
وقال أبو حنيفةَ:"لا يُقتَلُ الكافرُ إذا التجَأَ إلى الحَرَمِ، إلَّا إذا قاتَلَ فيه"(٣).