* قال اللَّه تعالى: ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩].
ذكَر اللَّهُ حالَ الاحتضارِ والإشْرافِ على مغادَرةِ الدُّنيا، والإقبالِ على الآخِرةِ، وقال ابنُ عبَّاسٍ:"إنَّ معنى ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾: آخِرُ يومٍ مِى أيامِ الدُّنيا، وأولُ يومٍ مِن أيامِ الآخِرةِ؛ فتَلتقِي الشِّدَّةُ بالشِّدَّةِ إلَّا مَن رحِم اللَّهُ"(١)؛ وبنحوِه قال مجاهِدٌ وقتادةُ (٢).
وقد قال الضحَّاكُ:"أهلُ الدُّنيا يُجهِّزونَ الجسدَ، وأهلُ الآخِرةِ يُجهِّزونَ الرُّوحَ"(٣).
وبهذا قال أكثرُ السلفِ، وقد قال ابنُ زيدٍ:"لا نشُكُّ أنَّها ساقُ الآخرةِ، وقرَأَ: ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة: ٣٠]؛ قال: لمَّا التفَّتِ الآخِرةُ بالدُّنيا، كان المَسَاقُ إلى اللَّهِ"(٤).
وحمَلَهُ ابنُ المسيَّبِ والشَّعْبيُّ والحسنُ والسُّدِّيُّ: على التفافِ الساقَيْنِ على الحقيقةِ؛ وهذا قولٌ لقتادةَ (٥).
وكلا المعنيَيْنِ تَحتمِلُهُ بلاغةُ القرآنِ، وفيها على المعنى الثاني مشروعيَّةُ تكفينِ الميِّتِ وتجهيزِه، وذلك مشروعٌ بلا خلافٍ، وهو مِن فروضِ الكفايةِ.