فإنَّما هو إخبارٌ عن الحالِ، لا بيانٌ للحُكمِ ولا التشريعِ.
ومحمدُ بنُ إسحاقَ تفرَّدَ به عن محمدِ بنِ أبي أُمامةَ، وهو صدوقٌ صرَّح بسماعِهِ عندَ الدارقطنيِّ وغيرِه (٢)، ويَمِيلُ أحمدُ إلى ثبوتِ هذا الحديثِ (٣).
قولُه تعالى: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾: لا يجوزُ البيعُ بعدَ أذانِ الجُمُعةِ وقعودِ الخطيبِ، ولا خلافَ في ذلك، وإنَّما الخلافُ في بُطْلانِ البيعِ وصِحَّتِه.
وقد كان السلفُ يَزجُرونَ مَن يَبِيعُ بعدَ أذانِ خُطْبةِ الجُمُعةِ، بل منهم مَن يُعزِّرُه، وقد ذكَر سُحْنون في "نوازلِهِ" أنَّ عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ يأمُرُ إذا فُرغَ مِن صلاةِ الجُمُعةِ مَن يخرُجُ، فمَن وجَدَ لم يحضُرِ الجُمُعةَ، ربَطَهُ بعُمُدِ المسجدِ (٤).
(١) أخرجه أبو داود (١٠٦٩)، وابن ماجه (١٠٨٢). (٢) ينظر: "صحيح ابن خزيمة" (١٧٢٤)، و"صحيح ابن حبان" (٧٠١٣)، و"المعجم الكبير للطبراني" (٩٠٠)، و"سنن الدارقطني" (٢/ ٥)، و"المستدرك" للحاكم (١/ ٢٨١). (٣) ينظر "العلل ومعرفة الرجال" لأحمد، رواية ابنه عبد اللَّه (٢/ ٥٢٠)، و"مسائل الإمام أحمد"، رواية ابنه عبد اللَّه (ص ١٢٠). (٤) ينظر: "البيان والتحصيل" (١٧/ ١٥٨).