صلَّى معهم، صلَّاها بنيَّةِ الظُّهْرِ وشهِد الخُطْبةَ ودعوةَ المُسلِمينَ، وقد صلَّى النبيُّ ﷺ الجُمُعةَ ظهرًا وجمَعَ إليها العصرَ بعَرَفَةَ، ولم يكنِ الصحابةُ يُصلُّونَ الجُمُعةَ وهم مسافِرونَ، ولا كذلك فقهاءُ التابعينَ وخاصَّةً أهلَ الحجاز، وقد صحَّ عن عمرَ بنِ عبد العزيزِ أَنَّه كان مسافرًا فترَكَ شهودَ الجمعةِ وكان في البلد، ففي "مصنَّفِ ابنِ أبي شَيْبةَ"، عن أبي عبيدٍ مَوْلى سيمانَ بنِ عبد الملك، قال: خرَجَ عمرُ بن عبد العزيزِ مِن دَابِقٍ، وهو يومئذٍ أميرُ المؤمِنِينَ، فمَرَّ بحَلَبَ يومَ الجُمُعةَ، فقال لأميرِها: جَمِّعْ؛ فإنَّا سَفْرٌ (١).
وإنْ صلَّى المسافرُ مع المُقِيمِينَ الجُمُعةَ، ونَوَاها جُمُعةً، فليس له أنْ يَجمَعَ إليها العصرَ، وإنْ صلَّاها معهم، ونَوَاها ظهرًا، فله جمعُ العصرِ إليها.
ولا يصحُّ نهيٌ عن السَّفَرِ ضُحَا الجُمُعةِ، فيجوزُ السفرُ للمحتاجِ قبلَ الأذانِ؛ لأنَّه بالأذانِ يجبُ عليه السعيُ إلى الصلاة، وسعيُهُ إلى غيرِهِ مخالفٌ للآيةِ: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾، ولا يصحُّ في النهي عن السفرِ ضُحَا الجمعةِ حديثٌ.