لمَّا أكثَرَ الناسُ المسائِلَ على رسولِ اللَّهِ ﷺ، وأثقلُوا عليه في الجليلِ والدقيقِ، أراد اللَّه أن يُخفِّفَ عن نبيِّه ﷺ ذلك، فأمَر مَنْ أراد أن يَسألَ نبيَّه أن يُقدِّمَ بينَ يَدَيْ نَجْوَاهُ صدقةً لفقراءِ المُسلِمِينَ يُنفِقُها رسولُ اللَّهِ ﷺ عليهم؛ لأنَّه لا تَحِلُّ له الصدقةُ ولا لآلِه، ولم تُقدَّرِ الصدقةُ بقَدْرٍ معيَّنٍ؛ وإنَّما بما يَقدِرُ عليه السائلُ ثمَّ لمَّا شَقَّ عليهم ذلك، نسَخَهُ اللَّه بقولِه: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾، وقد تحقَّقَ المراد بنزولِ هذه الآيةِ ولو نُسِخَتْ، فأدرَكَ الناسُ إثقالَهُمْ على رسولِ اللَّهِ ﷺ بما أنزَلَ اللَّه في ذلك ونسَخَهُ.
(١) أخرجه مسلم (٢١٧٩). (٢) "تفسير الطبري" (٢٢/ ٤٧٨)، و"تفسير ابن كثير" (٨/ ٤٨).