وصلاةُ المؤمنينَ على النبيِّ ﷺ ليستْ شفاعةً له منهم، ولكنَّه جزاءٌ له على فضلِهِ عليهم، ولكرمِ اللَّهِ وشرفِ نبيَّه جعَلَ اللَّهُ المؤمنينَ ينتفعونَ بصَلَاتِهم عليه؛ كما في "صحيحِ مسلمٍ"؛ قال ﷺ:(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)(١)، وفي الترمذيِّ مرفوعًا:(أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً)(٢).
وظاهرُ الأمرِ بالصلاةِ على النبيِّ ﷺ في الآيةِ: الوجوبُ، وقد حكى ابنُ عبدِ البَرِّ الإجماعَ على وجوبِ الصلاةِ على النبيِّ للآيةِ (٣)، ويُريدُ بذلك أصلَ الصلاةِ، وأمَّا مواضعُ الصلاةِ، فعلى خلافٍ معروفٍ.
وقد ذهَبَ جماعةٌ مِن الأئمَّةِ: إلى أنَّ الصلاةَ على النبيِّ ﷺ فرضٌ على المؤمنِ بالرسالةِ إجمالًا، مِن غيرِ تعيينِ زمانٍ ولا مكانٍ؛ وهذا نُسِبَ إلى أبي حنيفةَ ومالكِ والثوريِّ والأوزاعيِّ.
وأوجَبَه الشافعيُّ -وأحمد في روايةٍ- في كلِّ تشهُّدٍ أخيرٍ في الصلاةِ.
ولا يَتعيَّنُ في الصلاةِ، ولا في وقتٍ من الأوقاتِ.
واختلَفَ العلماءُ في حُكْمِ الصلاةِ على النبيِّ ﷺ عندَ ذِكْرِهِ في المَجالِسِ، على أقوالٍ:
منهم مَن قال: بوجوبِ الصلاةِ عندَ ذِكْرِهِ كلَّ مرةٍ، ولو تكرَّرَ الذِّكْرُ في المَجْلِسِ الواحدِ؛ وإلى هذا ذهَبَ الطحاويُّ والحَليِمِيُّ وابنُ بَطَّةَ وغيرُهم.
ومنهم مَن قال: باستحبابِ الصلاةِ عندَ ذِكْرِه، وعدمِ وجوبِه.